تعالت صرخاته في المستشفى الميداني:” لا تقطعوا رجلي، الا ما تلاقوا طريقة غير البتر، يا دكتور ابو محمد الا ما تلاقي طريقة يا دكتور منشان الله” ليستسلم جسده بعد ذلك إلى إبرة المخدر التي أعطاها له الطبيب بصمت؛ فكيف له أن يوافقه في طلبه وأن يواجهه بحقيقة تشويه قدمه وأنه لا حل أخر سوى بترها فضلاً عن كونهم في منطقة محاصرة وبالكاد تتوفر فيها الأدوية والمستلزمات الطبية.
انقر هنا واستعد لتجدي أسلوبك الفريد مع (متجر ماكس)!
🛍️✨ اكتشف أحدث صيحات الموضة
واحصل على إطلالة مذهلة.
انقر هنا واكتشف أفضل الكتب واستوحِ موضتك مع مكتبة جرير.
📚👗 احصل على عالم من المعرفة والأناقة
حين استيقاظه كان أصعب ما يفكر فيه هو أنه كيف سيتمكن من إخبار خطيبته التي يحبها من كل قلبه بخبر بتر قدميه؛ لم يفكر كيف سيسير على ساقٍ واحدة بعد سقوط تلك القذيفة المدوية وحدها خطيبته تشغل باله.
خطيبته الآن تقيم في لبنان مع عائلة سورية وتعمل في تنظيف المنازل بالرغم من أنها تحمل شهادةً جامعية وذلك بعد أن فرت من سوريا لدى إطلاق سراحها بعد أن اعتقلتها قوات الأسد وهكذا ظلت تتنقل من مكان لآخر حتى استقرت مع عائلة سورية، جاءها خبر بتر ساق خطيبها فألجمها الخبر عن الحديث ظلت تحاول الاتصال بخطيبها حتى استطاعت الاتصال به لكنه أنكر ما حدث معه وأخبرها أنها محض إشاعات وأن إصابته طفيفة؛ كيف سيخبرها أنه أصبح عاجزاً ؟!
خطيبته علمت بحقيقة ما حدث معه من أقاربٍ لها لكنها أخفت عنه علمها وتابعت معه بيد أنها بدأت تلح عليه بترك المنطقة التي يعيش فيها لمدة ستة أشهر خاصةً بعد أن فقد أهله في الحرب ولم يبقَ له أحد في تلك المنطقة وباتت بعض الطرق مفتوحة وميسرة من أجل الخروج حتى استجاب أخيراً لطلبها بعد مرور 8 أشهر وبعد أن هددته بسفرها عبر البحر ودون لجوء وأنه لن يسمع صوتها مجدداً.
كان أكبر همٍ يحمله بين جنبيه هو كيف يخبرها بما حدث معه؟! هل ستوافق على الاستمرار معه بعد ما حدث معه؟ إنه الآن عاجز عن العمل ومن الصعب تأمين فرصة عمل لرجل في ظروفه، أخبرها بالمكان الذي وصل إليه لتأتي وتأخذه؛ كان يفكر كيف سيعيش مع أسرة ثانية وكيف سيؤمن لها مصاريف المعيشة وتأتي التساؤلات دفعةً واحدة في رأسه ودون جواب.
على النقيض حين قابلته لم يجد شيئاً مما دار في رأسه قال: ركضت نحو وغمرتني، لكنها كانت تتصرف بتجاهل تام بما يخص موضوع قدمي المبتورة، وكأن الامر غير موجود ولم تحسسني للحظة واحدة أن الأمر قد اثر عليها، لم تشاء ان تجرحني او تحسسني بالعجز، اخذتني ومن ثم ذهبنا نحو المنزل وخلال وجودنا بالسيارة سألتها هل تعلم العائلة السورية انني ساكن معهم فسكتت مع ابتسامة صغيرة و أدارت وجهها”
وأردف قائلاً: “تفاجأت بانها استأجرت غرفة صغيرة لي، فيها كل ما احتاجه ومن ضمن ما هو بها” كرسي متحرك “حيث قالت أنها استطاعت تأمينه من احدى الجمعيات وتركتني في المنزل ورحلت بعد قدمت لي كل ما يمكن أن أحتاجه”.
بعد عدة أيام قام أحد الشيوخ بعقد قرانهم وانتقلت للعيش معه بعد أن قدمت له مفاجأة وهي أنها استطاعت توفير ثمن” قدم اصطناعية” له من عملها ومن مساعدة بعض الجمعيات الخيرية وأنه ليس عليه سوى الذهاب إلى الجمعية الخيرية من أجل تركيب قدمه وبعدها يعود للحياة بشكلٍ طبيعي تماماً.
خطيبته كانت تعلم تماماً بظروفه وعملت طوال تلك الأشهر على تأمين مسكن وكرسي متحرك لحين تركيب قدم صناعية كما استطاعت تأمين عمل مناسبٍ لوضعه الصحي في أحد المحلات وكانت نعم السند له والمعين.
قمنا بسؤالها: “ماذا إن كان الأمر بالعكس هل سيفعل معكِ مثلما فعلتِ معه؟” أجابت بلا تردد: ” عندما خرجت من الاعتقال وقف والدي بين اهالي الحي يبكي ويقول انني جلبت العار له لكونه من الأشخاص الذين يعتقدون أن الفتيات اللواتي يتعرضن للاعتقال بنظره ونظر العديد من العائلات يجلبون العار لأهلهن، حينها كان هو واقفا وقال لوالدي … ابنتك تاج فوق راسي وراس كل اهالي هذه المنطقة وكانت تقوم بمعالجة الجرحى والنساء والاطفال، إذا أنت ترى ما حدث معها عار فانا اراه شرف على صدري وإذا هي قبلت برجل غير متعلم مثلي أن يتزوجها عندها سيكون أجمل خبر أسمعه في حياتي … كلماته هذه وحدها كفيلة لي أن اقول لك أنه سيفعل ما فعلت وقد يكون أكثر”.
0 Comments